في بيئة الأعمال السعودية، قد يجهل بعض موظفي المشتريات في القطاع الخاص الدور المحوري الذي تلعبه هيئة كفاءة الإنفاق والمشروعات الحكومية (هيئة المشتريات الحكومية والمحتوى المحلي). لهذا أحببت أن أوضح بإيجاز: ما هي هيئة المشتريات الحكومية والمحتوى المحلي؟ هي جهة حكومية مختصة بتنظيم ومراقبة جميع عمليات المشتريات الحكومية، بهدف رفع الكفاءة، تحقيق الشفافية، ودعم المحتوى المحلي (الصناعة والخدمات الوطنية). أهم أدوارها باختصار: •توحيد وتطوير إجراءات المشتريات والمنافسات الحكومية. •رفع كفاءة الإنفاق الحكومي وتحقيق أفضل قيمة مقابل المال. •دعم المنتجات والخدمات الوطنية من خلال تطبيق سياسات المحتوى المحلي. •تعزيز الشفافية والعدالة في التعاقدات الحكومية. •توفير منصات إلكترونية موحدة مثل نظام “اعتماد” لتسهيل عمليات المناقصات والعقود. لماذا يهمك هذا كموظف مشتريات في القطاع الخاص؟ •لأن فهم آليات الهيئة يساعدك على التعامل باحترافية أكبر عند التوريد للجهات الحكومية. •لتطوير استراتيجياتك التجارية عبر تحسين نسب المحتوى المحلي في منتجاتك وخدماتك. •لتكون مؤهلاً للمشاركة في المناقصات الحكومية عبر الامتثال لمتطلباتهم بفعالية. اليوم، النجاح في السوق السعودي يتطلب الإلمام بالتشريعات الجديدة والجهات المنظمة، وهيئة المشتريات الحكومية واحدة من أهم هذه الجهات التي تصنع الفارق في المشهد الاقتصادي الوطني .
إدارة المخاطر في المشتريات: رؤية مبسطة بعمق استراتيجي
إدارة المخاطر علم مستقل بذاته، متشعّب في أدواته ومجالاته، لكن في عالم المشتريات والعقود والخدمات التشغيلية، لا بد لأي مختص أن يتقن الحد الأدنى من مبادئه، لأن الخطأ هنا لا يُكلف فقط فرقًا في السعر، بل يُكلّف سمعة وموثوقية وربما استدامة المنشأة. في العمليات الشرائية، تبدأ المخاطر من لحظة صياغة المواصفات، وتمر عبر التفاوض، وتستقر في إدارة التوريد والتنفيذ. وهنا لا بد من فهم ثلاثة مبادئ أساسية: 1.التحليل المسبق للمخاطر: قبل التوقيع، يجب أن نسأل: ما الذي قد يحدث؟ وما أثره؟ وما احتمالية حدوثه؟ هذا يُبنى على بيانات ومؤشرات، وليس على التوقع الشخصي. 2.تنويع المصادر وعدم الاعتماد المطلق: المورد الوحيد مخاطرة… والعقد غير المرن قيد. التنويع في مصادر الشراء، والتخطيط البديل، أحد أهم أدوات تقليل التعثرات. 3.صياغة العقود بمفهوم وقائي: العقد ليس فقط توثيق اتفاق، بل أداة لاحتواء المخاطر قبل حدوثها. بند التأخير، وبند القوة القاهرة، وآلية التصفية والتعويض… كلها ليست “تفاصيل قانونية”، بل دفاعات استراتيجية. في عالم اللوجستيات، تتسع دائرة الخطر لتشمل النقل، الجمارك، التخزين، والتوزيع. وكل خطوة فيها سلسلة من الاحتمالات يجب توقعها والتخطيط لها. الاحتراف الحقيقي في المشتريات لا يظهر وقت الشراء، بل عند الأزمات… عندما ينقطع المورد، أو تتغير الأسعار، أو يتأخر التنفيذ. هنا يظهر الفرق بين من يدير العمليات، ومن يدير المخاطر .
الاستراتيجيات في المشتريات والعقود: شراكة تبني نجاح المنشأة
إدارة المشتريات ما هي مجرد جهة تنفيذ تطلب وتشتري… هي ذراع استراتيجي للمنشأة، وجزء لا يتجزأ من منظومة الأهداف الكبرى، خصوصًا إذا تفعّلت فيها الرؤية الصحيحة والاستراتيجية المدروسة. وش نقصد بالاستراتيجية هنا؟ يعني كيف تفكر المشتريات؟ كيف تبني خططها؟ وش أولوياتها؟ وكيف ترتّب علاقتها بالموردين؟ لما تكون المشتريات تشتغل باستراتيجية واضحة، تقدر تبني قيمة مضافة حقيقية، مو بس خصم في الفاتورة. أمثلة على الاستراتيجيات الفعّالة: 1.الشراكة الذكية مع الموردين: لا تعامل المورد كأنه خصم تفاوضه، بل شريك تنجح معه. الشراكات طويلة الأمد تقلل التكاليف وتضمن جودة واستقرار. 2.الربط مع أهداف المنشأة: استراتيجية المشتريات الناجحة تبدأ من فهم أهداف الإدارة العليا… هل التوجه تقليل التكاليف؟ رفع الجودة؟ دخول سوق جديد؟ لازم تكون المشتريات “على نفس الموجة”. 3.تحليل البيانات واتخاذ القرار: ما عاد يكفي تمشي الأمور بالحدس. التحليل الذكي للمشتريات السابقة، أداء الموردين، وتكاليف العقود يصنع فارق كبير في اتخاذ قرار ذكي. 4.التحكم في دورة الشراء: مو كل تأخير من المورد! أحياناً الإجراءات الداخلية تعرقل. الاستراتيجية تشمل ضبط الدورة الشرائية من أول طلب حتى توقيع العقد وتسليم الخدمة. والعقود؟ العقود اليوم ما عاد ورقة توقيع وخلاص. استراتيجية المشتريات تشمل بناء عقود مرنة، تحمي المنشأة، وتضمن الحقوق، وتراعي السيناريوهات المختلفة، خاصة مع الموردين الأساسيين. الخلاصة: إذا كانت المشتريات تشتغل بدون استراتيجية، فـ كل يوم بيكون رد فعل، وكل أزمة بتصير مفاجأة. لكن إذا كانت المشتريات تُدار بعقلية استراتيجية، فـ هي تبني قوة للمنشأة، وتكون عنصر استباقي، مو بس تنفيذ. وختاماً : “الشراء الذكي يبدأ بخطة، مو بطلب عرض سعر.