إدارة المخاطر علم مستقل بذاته، متشعّب في أدواته ومجالاته، لكن في عالم المشتريات والعقود والخدمات التشغيلية، لا بد لأي مختص أن يتقن الحد الأدنى من مبادئه، لأن الخطأ هنا لا يُكلف فقط فرقًا في السعر، بل يُكلّف سمعة وموثوقية وربما استدامة المنشأة.
في العمليات الشرائية، تبدأ المخاطر من لحظة صياغة المواصفات، وتمر عبر التفاوض، وتستقر في إدارة التوريد والتنفيذ. وهنا لا بد من فهم ثلاثة مبادئ أساسية:
1.التحليل المسبق للمخاطر:
قبل التوقيع، يجب أن نسأل: ما الذي قد يحدث؟ وما أثره؟ وما احتمالية حدوثه؟ هذا يُبنى على بيانات ومؤشرات، وليس على التوقع الشخصي.
2.تنويع المصادر وعدم الاعتماد المطلق:
المورد الوحيد مخاطرة… والعقد غير المرن قيد. التنويع في مصادر الشراء، والتخطيط البديل، أحد أهم أدوات تقليل التعثرات.
3.صياغة العقود بمفهوم وقائي:
العقد ليس فقط توثيق اتفاق، بل أداة لاحتواء المخاطر قبل حدوثها. بند التأخير، وبند القوة القاهرة، وآلية التصفية والتعويض… كلها ليست “تفاصيل قانونية”، بل دفاعات استراتيجية.
في عالم اللوجستيات، تتسع دائرة الخطر لتشمل النقل، الجمارك، التخزين، والتوزيع. وكل خطوة فيها سلسلة من الاحتمالات يجب توقعها والتخطيط لها.
الاحتراف الحقيقي في المشتريات لا يظهر وقت الشراء، بل عند الأزمات… عندما ينقطع المورد، أو تتغير الأسعار، أو يتأخر التنفيذ. هنا يظهر الفرق بين من يدير العمليات، ومن يدير المخاطر .