تُعد المملكة العربية السعودية اليوم من الركائز الأساسية في منظومة الخدمات اللوجستية العالمية، مستندة إلى موقعها الجغرافي الاستراتيجي الذي يربط قارات آسيا وأفريقيا وأوروبا، وإلى استثمارات ضخمة ضمن رؤية السعودية 2030 التي جعلت من القطاع اللوجستي أولوية وطنية لتعزيز التنوع الاقتصادي.
في ظل الأوضاع الجيوسياسية والاقتصادية العمركز لوجستيالمية الراهنة، برزت المملكة العربية السعودية كقوة لوجستية ذات موثوقية عالية، حيث واصلت الموانئ والمطارات السعودية تقديم خدماتها بكفاءة واستقرار، رغم ما شهدته بعض سلاسل الإمداد العالمية من تعثر واضطراب. وقد حافظت موانئ المملكة على تصنيفها ضمن الأكثر كفاءة في العالم، وفقًا لتقارير البنك الدولي لعام 2024، وهو ما يعكس حجم التطور الذي تحقق في البنية التحتية، والتكامل بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص.
عززت المملكة العربية السعودية هذا الثقل عبر مبادرات مثل “الخدمات اللوجستية السلسة”، وتوسعة الموانئ، وربطها بمناطق لوجستية وصناعية متكاملة، إضافة إلى إطلاق الخطوط الحديدية وربطها بمراكز توزيع داخلية وإقليمية. كما أن استحداث منصة “فسح” لتسهيل الإجراءات الجمركية، ورفع كفاءة العمليات الرقمية، قلل من أزمنة التخليص، ورفع جاذبية المملكة كمحور عبور إقليمي.
في ضوء ذلك، لم تعد المملكة العربية السعودية مجرد سوق مستهلك، بل تحولت إلى مؤثر إقليميًا ودوليًا، قادر على امتصاص الصدمات وتحقيق الاستقرار التجاري في المنطقة، ما يعزز مكانتها كشريك رئيسي في حركة التجارة العالمية، ويجعلها نموذجًا للتخطيط طويل المدى والاستثمار الذكي في البنية التحتية .