لطالما كان هذا السؤال مطروحًا في أوساط العمل: من الأهم؟ المؤهل العلمي أم الخبرة المهنية؟
ورغم أن الإجابة الدقيقة تعتمد على طبيعة كل مجال، إلا أن القاعدة الثابتة تقول إن النجاح المهني الحقيقي لا يكتمل إلا بتكامل الجانبين.
المؤهل العلمي يُعد الأساس الذي يُبنى عليه التفكير المنهجي والتحليل المنطقي، ويُزود الفرد بالمعرفة النظرية التي يحتاجها لفهم تخصصه وتوسيع مداركه. ولكن، هذه المعرفة تبقى محدودة الأثر إن لم تُترجم إلى واقع عملي وتجربة ميدانية.
في المقابل، الخبرة المهنية تصقل المهارات، وتكسب الشخص مرونة التعامل مع التحديات، وتعلّمه ما لا يمكن للكتب أو القاعات الدراسية أن تنقله.
الخبرة تُعلّم التكيف، الحضور، وفن اتخاذ القرار في الوقت المناسب.
ورغم وضوح هذه المعادلة، إلا أن بعض الشباب حديثي التخرج يقعون في فخ التوقعات العالية.
يظن البعض أن حصوله على شهادة عليا يعني أنه مؤهل تلقائيًا لقيادة فريق أو إدارة قسم، متجاهلًا أن المهارات القيادية والفنية تتطلب وقتًا وتجربة وتدرجًا وظيفيًا.
لا عيب في البدء من موقع وظيفي بسيط، بل على العكس، هو المسار الطبيعي لاكتساب الثقة والمهارة.
فما فائدة المؤهل العالي إذا لم يُستخدم بوعي واحتراف؟
وما فائدة الطموح إذا لم يقترن بالعمل الجاد والتواضع والتعلم المستمر؟
إن التفوق لا يتحقق بالمؤهل وحده، ولا بالخبرة فقط، بل بتحقيق التوازن بين العلم والعمل، وبين النظرية والتطبيق.
وختامًا،
العقول العظيمة تبدأ من القاعدة، وتبني نجاحها درجةً درجة، لا قفزًا على السلالم